وخرج يوما ذو الكلاع في أربعة آلاف فارس من أهل الشام قد تبايعوا على الموت، فحملوا على ربيعة، وكانوا في ميسرة علي، وعليهم عبد الله بن عباس، فتصدعت جموع ربيعة، فناداهم خالد بن المعمر: (يا معشر ربيعة أسخطتم الله) فثابوا إليه، فاشتد القتال حتى كثرت القتلى، ونادى عبيد الله بن عمر: (أنا الطيب ابن الطيب، فسمعه عمار، فناداه: (بل أنت الخبيث ابن الطيب).
ثم حمل عبيد الله، وهو يرتجز:
أنا عبيد الله ينميني عمر * خير قريش من مضى ومن غبر غير رسول الله والشيخ الأغر * أبطأ عن نصر ابن عفان مضر والربعيون، فلا اسقوا المطر فضرب شمر بن الريان العجلي، فقتله، وكان من فرسان ربيعة.
(مقتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب) فلما أصبحوا خرج عبيد الله فيمن كان معه بالأمس، وخرجت إليهم ربيعة، فاقتتلوا بين الصفين، وعبيد الله أمامهم يضرب بسيفه، فحمل عليه حريث بن جابر الحنفي، فطعنه في لبته (1)، فقتله، وقد اختلفوا في قتله، فقالت (2) همدان:
قتله هانئ بن الخطاب، وقال (ت) حضرموت: قتله مالك بن عمرو الحضرمي، وقالت ربيعة: حريث بن جابر الحنفي، وهو المجمع عليه، فقال كعب بن جعيل يرثيه:
ألا إنما تبكي العيون لفارس * بصفين أجلت خيله وهو واقف فأضحى عبيد الله بالقاع مسلما * تمج دما منه والعروق النوازف ينوء وتعلوه سبائب من دم * كما لاح في جيب القميص الكفائف (3) وقد ضربت حول ابن عم نبينا * من الموت شهباء المناكب شارف (4)