وبلغ ذلك عبد الملك بن مروان، فخرج بأهل الشام فوافى نصيبين، وقاتل يزيد ابن أنس، فهزمه، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة.
وبلغ المختار ذلك، فقال لإبراهيم بن الأشتر:
أيها الرجل، إنما هو أنا وأنت، فسر إليهم، فوالله لتقتلن الفاسق عبيد الله ابن زياد، أو لتقتلن الحصين بن نمير، وليهزمن الله بك ذلك الجيش، أخبرني بذلك من قرأ الكتاب، وعرف الملاحم.
قال إبراهيم:
ما أحسبك أيها الأمير بأحرص على قتال أهل الشام، ولا أحسن بصيرة في ذلك مني، وأنا سائر.
فانتخب له المختار عشرين ألف رجل، وكان جلهم أبناء الفرس الذين كانوا بالكوفة، ويسمون الحمراء.
وسار نحو الجزيرة، ورد من كان انهزم من أصحاب يزيد بن أنس، فصار في نحو من ثلاثين ألف رجل.
وبلغ ذلك عبد الملك، فعقد للحصين بن نمير في فرسان أهل الشام، وكانوا نحوا من أربعين ألفا، وفيهم عبيد الله بن زياد، وفيهم من قتلة الحسين: عمير بن الحباب، وفرات بن سالم، ويزيد بن الحضين، وأناس سوى هؤلاء كثير.
فقال فرات لعمير: قد عرفت سوء ولاية بني مروان، وسوء رأيهم في قومنا من قيس، ولئن خلص الأمر، وصفا لعبد الملك ليستأصلن قيسا، أو ليقصينهم، ونحن منهم، فانصرف بنا لننظر ما حال إبراهيم بن الأشتر.
فلما جنهما الليل ركبا فرسيهما، وبينهما وبين عسكر إبراهيم أربعة فراسخ، وكانا يمران بمسالح أهل الشام، فيقولون لهما: (من) (1) أنتما؟ فيقولان: طليعة للأمير الحصين بن نمير.
فأقبلا حتى أتيا عسكر إبراهيم بن الأشتر، وقد أوقد النيران، وهو قائم يعبي