(سلطان عبد الله بن الزبير) قالوا: ولما قتل المختار، واستتب الأمر لعبد الله بن الزبير، أرسل إلى عبد الله ابن عباس ومحمد بن الحنفية: (أما أن تبايعاني أو تخرجا من جواري).
فخرجا من مكة، فنزلا الطائف، وأقاما هناك.
وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف، وصلى عليه محمد بن الحنفية.
وخرج محمد بن الحنفية حتى أتى أيلة (1)، وكتب إلى عبد الملك بن مروان، يستأذنه في القدوم عليه، والنزول في جواره، فكتب إليه: وراءك أوسع لك، ولا حاجة لي فيك.
فأقام محمد بن الحنفية عامه ذلك بأيلة، ثم توفي بها.
وقتل المختار، وإبراهيم بن الأشتر عامله على كورة الجزيرة، فكتب إلى مصعب يسأله الأمان، وكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، فقدم وبايعه، وفوض مصعب إليه جميع أمره، وأظهر بره وألطافه، ولم تزل الستة الآلاف (2) الذين دخلوا القصر متحصنين فيه شهرين، حتى نفد جميع ما كان المختار أعده فيه من الطعام، فسألوا الأمان، فأبى مصعب أن يعطيهم الأمان إلا على حكمه.
فأرسلوا إليه: أنا ننزل على حكمك.
فنزلوا عند ما بلغ إليهم الجوع.
فضرب أعناقهم كلها، وكانوا ستة آلاف: ألفين من العرب، وأربعة آلاف من العجم.
ودعا مصعب بامرأتي المختار، أم ثابت ابنة سمرة بن جندب، وعمرة بنت النعمان بن بشير، فدعاهما إلى البراءة من المختار، فأما أم ثابت فإنها تبرأت منه، وأبت عمرة أن تتبرأ منه.
فأمر بها مصعب، فأخرجت إلى الجبانة، فضربت عنقها.