في سور المدينة، فضم عليه، وخد للباقين أخاديد (1)، فأحرقهم فيها، فهم أصحاب الأخدود الذين ذكرهم الله عز اسمه في القرآن (2) . (الحبش واليمن) وأفلت دوس ذو ثعلبان، فسار إلى ملك الروم، فأعلمه ما صنع ذو نواس بأهل دينه من قتل الأساقفة، وإحراق الإنجيل، وهدمه البيع، فكتب إلى النجاشي ملك الحبشة، فبعث بأرياط في جنود عظيمة، وركب البحر حتى خرج على ساحل عدن، وسار إليه ذو نواس، فحاربه، فقتل ذو نواس، ودخل أرياط صنعاء، واسمها (دمار)، وإنما صنعاء كلمة حبشية، أي وثيق حصين، فبذلك سميت صنعاء.
فلما اطمأن أرياط وقتل اليهود وضبط اليمن، درت عليه الأموال، فجعل يؤثر بها من يحب، فغضب حاشية الحبشة من ذلك، فأتوا أبا يكسوم أبرهة ، وكان أحد قادتهم، فشكوا إليه الذي يصنع أرياط، وبايعوه.
وانصرفت الحبشة فرقتين، إحداهما مع أرياط، والأخرى مع أبرهة، واصطفوا للحرب، فدعاه أبرهة للبراز، فبرز إليه، فدفع أرياط عليه حربته، فوقعت في وجه أبرهة، فشرمته، ولذلك سمي الأشرم، وضرب أبرهة أرياط بالسيف على مفرق رأسه، فقتله، وانحازت الحبشة إليه، فملكهم، وأقره النجاشي على سلطان اليمن، فمكث على ذلك أربعين عاما.
وبنى بصنعاء بيعة لم ير الناس مثلها، وآذن في جميع أرض اليمن أن تحجها، فاستفظعت العرب ذلك، فدخل رجل من أهل تهامة ليلا، فأحدث فيها، فلما أصبح القوم نظروا إلى السوأة السوآء في الكنيسة، فقال أبرهة: من تظنونه فعل هذا؟ قالوا: لم يفعله إلا بعض من غضب للبيت الذي بمكة، لما أمرت بحج