ويصفو لك الشام، وتهدم مدينة دمشق حجرا حجرا، فتأخذني عند ذلك، فتصلبني على شجرة بشاطئ نهر، كأني أنظر إليها الساعة.
فالتفت المختار إلى أصحابه (وقال): أما إن هذا الرجل عالم بالملاحم. ثم أمر به إلى السجن.
فلما جن عليه الليل بعث إليه من أتاه به، فقال له:
- يا أخا خزاعة، أظرفا عند الموت؟
فقال عبد الرحمن بن أبزى: أنشدك الله أيها الأمير أن أموت هاهنا ضيعة.
قال: فما جاء بك من الشام؟
قال: بأربعة آلاف درهم لي على رجل من أهل الكوفة، أتيته متقاضيا.
فأمر له المختار بأربعة آلاف درهم، وقال له: إن أصبحت بالكوفة قتلتك.
فخرج من ليلته حتى لحق بالشام.
* * * ومكث المختار بذلك يطلب قتلة الحسين، وتجبى إليه الأموال من السواد، والجبل، وأصبهان، والري، وآذربيجان، والجزيرة ثمانية عشر شهرا، وقرب أبناء العجم، وفرض لهم ولأولادهم الأعطيات، وقرب مجالسهم، وباعد العرب وأقصاهم، وحرمهم. فغضبوا من ذلك.
واجتمع أشرافهم فدخلوا عليه، فعاتبوه، فقال: لا يبعد الله غيركم، أكرمتكم فشمختم بآنافكم، ووليتكم فكسرتم الخراج، وهؤلاء العجم أطوع لي منكم، وأوفى، وأسرع إلى ما أريد.
قالوا: فدنت العرب، بعضها إلى بعض، وقالوا: هذا كذاب، يزعم أنه يوالي بني هاشم، وإنما هو طالب دنيا.
فاجتمعت القبائل على محاربته، وصاروا في ثلاثة أمكنة، وولوا أمرهم رفاعة ابن سوار، فاجتمعت كندة، والأزد، وبجيلة، والنخع، وخثعم، وقيس،