فقال: (هذا فعل ظلمة أهل الشام يوم الحرة، دخلوا على بيتي، فانتهبوا ما فيه حتى أخذوا قد حي الذي كنت أشرب فيه الماء، ثم خرجوا، ودخل على بعدهم عشرة نفر، وأنا قائم أصلي، فطلبوا البيت، فلم يجدوا فيه شيئا، فأسفوا لذلك، فاحتملوني من مصلاي، وضربوا بي الأرض، وأقبل كل رجل منهم على ما يليه من لحيتي، فنتفه، فما ترى منها خفيفا فهو موضع النتف، وما تراه عافيا فهو ما وقع في التراب، فلم يصلوا إليها، وسأدعها كما ترى حتى أوافي بها ربي).
(الخوارج) قالوا: وفي سنة ثمانين تفاقم أمر الأزارقة الخوارج، وإنما سموا أزارقة برئيسهم نافع بن الأزرق.
وكان أول خروجهم في أربعين رجلا، وفيهم من عظمائهم نافع بن الأزرق، وعطية بن الأسود، وعبد الله بن صبار، وعبد الله بن إباض، وحنظلة بن بيهس، وعبيد الله بن ماحوز، وذلك في سلطان يزيد.
وعلى البصرة يومئذ عبيد الله بن زياد، فوجه إليهم عبيد الله أسلم بن ربيعة في ألفي فارس، فلحقهم بقرية من الأهواز تدعى (آسك) (1) مما يلي فارس، فواقعهم، فقتلت الخوارج من أصحاب ابن ربيعة خمسين رجلا، فانهزم أسلم، فأنشأ رجل من الخوارج يقول:
أألفا مؤمن منكم زعمتم * ويهزمكم بأسك أربعونا؟
كذبتم، ليس ذاك كما زعمتم * ولكن الخوارج مؤمنونا هم الفئة القليلة قد علمتم * على الفئة الكثيرة ينصرونا أطعتم أمر جبار عنيد * وما من طاعة للظالمينا