فإنه قد مضى مغاضبا، ولا آمن إفساده على، وتأت في رده بأفضل التأتي).
فسار الرجل حتى لحقه في بعض الطريق، وقد نزل بعض المنازل بعسكره، فدخل عليه مضربه.
فقال:
(أيها الأمير، أجهدت نفسك، وأسهرت ليلك، وأتعبت نهارك في نصرة مواليك، وأهل بيت نبيك حتى إذا استحكم لهم الأمر، وتوطد لهم السلطان، ونلت أمنيتك فيهم تنصرف على هذه الحال، فما تقول الناس؟ ألا تعلم أن ذلك مطعنة عليك، ومسبة، في حياتك، وبعد وفاتك؟).
فلم يزل به حتى عزم على الانصراف معه إلى المنصور، وخلف عسكره بمكانه ذلك.
وسار منصرفا في ألف فارس من أفاضل من كان معه من جنود خراسان والقواد، وقد كان أبو مسلم يقول: إن المنجمين أخبروني أن لا أقتل إلا بالروم.
[قتل أبي مسلم الخراساني] حتى وافى أبا جعفر بالرومية، فدخل عليه، فقام إليه أبو جعفر، وعانقه، وأظهر السرور بانصرافه.
وقال له: (كدت تمضي من قبل أن أراك، وأفضي إليك بما أريد، فقم، فضع عنك ثيابك، وانزل حتى يذهب كلال السير عنك.
فخرج أبو مسلم إلى قصر قد أعد له.
ونزل أصحابه حوله.
فمكث ثلاثة أيام، يغدو كل يوم إلى أبي جعفر، فيدخل على دابته، حتى ينتهي إلى باب المجلس الذي فيه الإمام، فينزل، ويدخل إليه، فيجلس عنده مليا، فيتناظران في الأمور.
فلما كان في اليوم الرابع وطن له أبو جعفر عثمان بن نهيك، وكان على حرسه،