على الأمر دونه، فأغضي قباذ على ذلك خمس سنين من ملكه، ثم أنف من ذلك، فكتب إلى سابور الرازي من ولد مهران الأكبر، وكان عامله على بابل وخطرنية (1)، أن يقدم عليه فيمن معه من الجنود، فلما قدم أفشى إليه ما في نفسه، وأمره بقتل شوخر، فغدا سابور على قباذ، فوجد شوخر عنده جالسا، فمشى نحو قباذ مجاوزا لشوخر، فلم يأبه له شوخر حتى أوهقه سابور، فوقع الوهق (2) في عنقه، ثم اجتره حتى أخرجه من المجلس، فأثقله حديدا، واستودعه السجن، ثم أمر به قباذ، فقتل.
(الديانة المزدكية) فلما مضى لملك قباذ عشر سنين أتاه رجل من أهل إصطخر، يقال له مزدك، فدعاه إلى دين المزدكية، فمال قباذ إليها، فغضبت الفرس من ذلك غضبا شديدا، وهموا بقتل قباذ، فاعتذر إليهم، فلم يقبلوا عذره، وخلعوه من الملك، وحبسوه في محبس، ووكلوا به، وملكوا عليهم جاماسف بن فيروز أخا قباذ.
وإن أخت قباذ اندست لقباذ حتى أخرجته بحيلة، فمكث أياما مستخفيا إلى أن أمن الطلب، ثم خرج في خمس نفر من ثقاته، فيهم زرمهر بن شوخر نحو الهياطلة (3)، يستنصر ملكها، فأخذ طريق الأهواز، فانتهى إلى أرمشير، ثم صار إلى قرية في حد الأهواز وأصبهان، فنزلها متنكرا، وكان نزوله عند دهقانها (4)، فنظر قباذ إلى بنت لصاحب منزله، ذات جمال، فوقعت بقلبه، فقال لزرمهر بن شوخر: (إني قد هويت هذه الجارية، ووقعت بقلبي، فانطلق إلى أبيها، فاخطبها علي، ففعل.