في المرة الأولى، فوجه إليهم محمد الأمين بعبد الله بن مالك الخزاعي، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وشرد بقيتهم في البلدان.
وسار الرشيد حتى وافى مدينة طوس (1)، فنزل في دار حميد الطوسي، ومرض بها مرضا شديدا، فجمع له الأطباء يعالجونه، فقال:
إن الطبيب بطبه ودوائه * لا يستطيع دفاع محذور جرى ما للطبيب يموت بالداء الذي * قد كان يشفي مثله فيما مضى فلما اشتد به الوجع قال للفضل بن الربيع:
يا عباسي، ما تقول الناس؟
قال:
يقولون، إن شاني أمير المؤمنين قد مات.
فأمر أن يسرج له حمار ليركبه، ويخرج، فأسرج له، وحمل حتى وضع على السرج، فاسترخت فخذاه ولم يستطع الثبوت.
فقال: أرى الناس قد صدقوا.
ثم توفي.
وذلك في سنة ثلاث وتسعين ومائة يوم السبت، لخمس ليال خلون من جمادى الآخرة (2)، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة، وشهرا ونصفا.
[تولية محمد الأمين] فأتت الخلافة محمدا الأمين ببغداد، يوم الخميس للنصف من جمادى الآخرة، ونعاه للناس يوم الجمعة، ودعاهم إلى تجديد البيعة، فبايعوا.
ووصل الخبر بوفاة الرشيد إلى المأمون، وهو بمدينة مرو، يوم الجمعة لثمان خلون من الشهر، فركب إلى المسجد الأعظم، ونودي في الجنود وسائر الوجوه، فاجتمعوا، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله، ثم قال: