ورجل واحدة، يقفزون قفزا في أسرع من حضر (1) الفرس الجواد، وهم يهيمون في الغياض التي على شاطئ البحر، خلف رمل عالج (2) يعني رمل بلاد اليمن، فسأل عنهم، فأخبر انهم أمة من ولد وبار بن إرم بن سام بن نوح.
(كيكاوس بن كيقباذ) قالوا: وكان ملك العجم في عصر أبرهة بن الملطاطكيكاوس بن كيقباذ، وكان متشددا على الأقوياء (3) رحيما بالضعفاء، وكان منصورا محمودا إلى أن خطرت منه خطرة ضلال، فيما كان هم به من الصعود إلى السماء، فهو صاحب التابوت والنسور، وكان قد وجد على ابنه سياوش، ولم يكن له ولد غيره، فأراد قتله، فهرب منه، فلحق بملك الترك، فحل منه محلا لطيفا لما بلاه واختبره، ورأى عقله وآدابه وبأسه ونجدته، ففوض إليه أمره، فلما رأى ذلك أهل بيت الملك حسدوه، وخافوا أن يبزهم الأمر، فدسوا إليه الغوائل (4) عند الملك حتى أقدم عليه، فقتله، وقد كان زوجه ابنته، وحملت منه، فأراد أن يبقر بطنها عن جنينها، فناشده برايان الوزير فيها، وفي ولدها ألا يقتلها من غير جرم، فقال له:
(دونك، فخذها إليك، فإذا ولدت فاقتل ولدها). فكانت عنده حتى ولدت غلاما، وهو كيخسرو والذي ملك بعده، فأخرجه من المصر، واسترضع له في سكان الجبال من الأكراد، فنشأ عندهم، وقال للملك: (إنها ولدت جارية وقد قتلتها) فصدقه.
(ملك كيخسرو) وإن أهل فارس شنئوا كيكاوس لما أظهر من الجبروت والعتو والجرأة على الله،