[أبو جعفر المنصور] فلما وصل أبو جعفر إلى (ذات عرق) في منصرفه أتاه نعي الإمام [أبي العباس] (1)، فأقام بمكانه حتى وافاه أبو مسلم، فأخبره بوفاة أبي العباس.
فخنقت أبا مسلم [العبرة] (1)، وقال: (رحم الله أمير المؤمنين، إنا لله وإنا إليه راجعون).
فقال أبو جعفر: إني قد رأيت أن تخلف أثقالك ومن معك من جنودك على، فيكونوا معي، وتركب أنت في عشرة نفر البريد حتى ترد الأنبار، فتضبط العسكر، وتسكن الناس.
قال أبو مسلم: أفعل.
فركب في عشرة نفر من خاصته، وسار بالحث الشديد حتى وافى العراق، وانتهى إلى مدينة أبي العباس بالأنبار، فوجد عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس قد دعا الناس إلى بيعته، وخلع ولاية العهد عن أبي جعفر.
فلما رأوا أبا مسلم مالوا معه، وتركوا عيسى. فلما وافى أبو جعفر اعتذر إليه عيسى، وأعلمه أنه إنما أراد بذلك ضبط العسكر، وحفظ الخزائن، وبيوت الأموال.
فقبل أبو جعفر منه ذلك، ولم يؤاخذه بما كان منه.
واجتمع الناس، وبايعوا المنصور أبا جعفر.
ثم أتاه انتقاض الشام، وقد كان أبو العباس استعمل عليها عمه عبد الله بن علي، فلما بلغه وفاة أبي العباس دعا لنفسه، واستمال من كان معه من جنود خراسان، فمالوا معه.
فلما بلغ أبا جعفر ذلك قال لأبي مسلم (أيها الرجل، إنما هو أنا أو أنت، فإما أن تسير إلى الشام فتصلح أمرها، أو أسير أنا).