وتأمروا على خلعه، وفشا ذلك حتى بلغ أم الغلام، وقد أتى له سبع عشرة سنة، فدست رسولا إلى أهل فارس، تعلمهم مقتل سياوش، وأمر الغلام، فاختاروا رجلا من أفاضلهم، يسمى (زو)، فوجهوه إلى أبريان الوزير في الإقبال بالغلام، فقدم عليه، وأعلمه ما أجمعت عليه أهل فارس، فسلم إليه الغلام، وحمله على فرس أبيه سياوش الذي قدم عليه من العراق، فسار به زو، يكمن النهار، ويسير الليل، حتى ورد يم جيحون (1) وهو نهر بلخ مما يلي خوارزم، فعبره سباحة على فرسه، وأقبل به، حتى أورده دار الملك، فخلعوا كيكاوس، وملكوا الغلام، وسموه كيخسرو، ومنحوه الطاعة، فأمر بجدة فحبس، فلم يزل محبوسا حتى هلك.
(إفريقيس واليمن) قالوا: وكان ملك كيخسرو وملك إفريقيس بن أبرهة في عصر واحد، وإن إفريقيس تجهز يريد المغرب، حتى أوغل في أرض طنجة والأندلس، فرأى بلادا واسعة، فابتنى هناك مدينة، وسماها إفريقية اشتق اسمها من اسمه، ونقل إليها سكانا، وهي المدينة التي ينزلها اليوم سلطان ذلك البلد وعظماؤها، ثم انصرف إلى وطنه، وفي ذلك العصر نشأ معد بن عدنان، وفيه انقرض ولد إرم من جميع أرض العرب إلا بقايا من طسم وجديس، غبروا بعمان والبحرين واليمامة.
ملك ابن إفريقيس وهلال طسم وجديس ولما مات إفريقيس بن أبرهة ملك ابنه ذو جيشان بن إفريقيس، فتجهز لغزو كيخسرو ملك فارس، وجمع جنوده، وسار حتى نزل بنجران (2) وكان بعمان