الأخبار الطوال - الدينوري - الصفحة ٤٢
(أردشير بن بابك) قالوا: فلما تم لملوك الطوائف مائتا سنة، وست وستون سنة ظهر أردشير ابن بابكان، وهو أردشير بن بابك بن ساسان الأصغر بن فافك بن مهريس ابن ساسان الأكبر بن بهمن الملك بن إسفندياذ بن بشتاسف، فظهر بمدينة إصطخر، فدب في رد ملك فارس في نصابه، واتسقت له الأمور، فلم يزل يغلب ملكا، ويقتل ملكا، ويحتوي على ما تحت يده، حتى انتهى إلى فرخان ملك الجبل، وكان آخر ملك من ولد أردوان، فكتب إليه أردشير، بالدخول في طاعته، فلما أتاه كتابه امتلأ غيظا، وقال لرسله: لقد ارتقى ابن ساسان الراعي مرتقى وعرا، ولم يحفل به، وكتب إليه: أن الميعاد بيني وبينك صحراء الهرمز دجان في سلخ مهر ماه (1)، فسبق أردشير إلى المكان، فوافاه فرخان في سلخ مهر ماه، فاقتتلوا، فقتله أردشير، وسار من فوره حتى ورد مدينة نهاوند، فنزل قصر الفرخان، فأقام شهرا، ثم سار إلى الري، ثم إلى خراسان، لا يأتي حيزا إلا أذعن له ملكه بالطاعة، ثم سار إلى سجستان، ثم إلى كرمان (2)، ثم سار إلى فارس (3)، فنزل مدينة إصطخر، فأقام حولا، ثم سار نحو العراق، فتلقاه من كان بها من ملوك الطوائف بالأهواز، فقاتلهم، فقتلهم،

(1) شهر من شهور السنة الشمسية الجلالية، ووقته من 21 سبتمبر إلى 21 أكتوبر.
(2) كرمان: ولاية مشهور وناحية كبيرة معمورة ذات بلاد وقرى ومدن واسعة بين فارس وسجستان وخراسان (3) فارس: إيالة من إيالات إيران، وهي أكثرها عمارة، يحدها من الجنوب الغربي بحر فارس ومن الغرب خوزستان (الأهواز) ومن شمال عراق العجم ومن الشرق والجنوب الشرقي منذ عهد كيخسرو، وبعد فتوح الإسكندر فقدت فارس مركزها كعاصمة، ولكنها عادت ثانية إلى مركزها الأول بعد تأسيس الدولة الساسانية، إذ اختار أردشير مؤسس الدولة الساسانية مدينة إصطخر، وهي عاصمة فارس، عاصمة له ولدولته. وقد فتح المسلمون فارس أيام عمر بن الخطاب، واستمرت فتوحاتهم بها إلى عهد عثمان بن عفان، ولما أصيب مدينة إصطخر بالخراب، صارت عاصمة فارس مدينة شيروز إلى أن انتقلت العاصمة إلى مدينة طهران.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست