فقال له عبد العزى: من أنت أيها الشيخ؟ قال: أنا من هزان، الضراغمة الأقران، غزانا ذو جيشان، الملك القرم (1) اليمان، فأعمل فيها المران (2) فلم يبق بهذا المكان غيري، وإني لفان. فقال عبد العزى: ومن هزان؟ قال:
هزان بن طسم أخو النهى والحزم، وابن الشجاع القرم.
فأقام عبد العزى أياما، ثم تبرم بمكانه، فمضى سائرا حتى سقط إلى البحرين، فرأى بلادا أوسع من اليمامة، وبها من وقع إليها من ولد كهلان، حين هربوا من سيل العرم (3) فأقام معهم، وسارت بنو حنيفة على ذلك السمت، يتبعون مواقع الغيث، وتقدمهم عبيد بن يربوع، وكان سيدهم، فنزل قريبا منها، فمضى غلام له ذات يوم حتى هجم على اليمامة، فرأى نخلا وريفا، وإذا هو بشئ من تمر قد تناثر تحت النخل، فأخذه، وأتى به عبيدا، فأكل منه، فقال:
وأبيك إن هذا الطعام طيب. فارتفع حتى أتى اليمامة، فدفع فرسه، فخط على ثلاثين دارا وثلاثين حديقة، فسمي ذلك المكان حجرا، فهو اليوم قصبة اليمامة، وموضع ولاتها، وسوقها، وتسامعت بنو حنيفة بما أصاب عبيد بن يربوع، فأقبلوا حتى أتوا اليمامة، فقطنوها، فعقبهم بها إلى اليوم. قال: وكان داود النبي عليه السلام في عصر ذي الأذعار، وكان ملك العجم كيخسرو بن سياوش.
داود الملك وكان سلطان بني إسرائيل قد وهى، فكان من حولهم من الأمم يغزونهم، فيقتلون، ويأسرون، فأتوا نبيهم شعيبا، فقالوا: (ابعث لنا ملكا، نقاتل في سبيل الله) (4) فملك عليهم طالوت، وكان من سبط يوسف صلى الله عليه وسلم (5)