(زرادشت ودعوته) قالوا: وكان زراذشت صاحب المجوس أتى بشتاسف الملك، فقال: إني رسول الله إليك، وأتاه بالكتاب الذي في أيدي المجوس، فآمن له بشتاسف، ودان بدين المجوسية، وحمل عليه أهل مملكته، فأجابوه طوعا وكرها.
وكان رستم (1) الشديد عامله على سجستان (2) وخراسان، وكان جبارا مديد القامة، شديد القوة، عظيم الجسم، وكان ينتمي إلى كيقباذ الملك ، ولما بلغه دخول بشتاسف في المجوسية، وتركه دين آبائه غضب من ذلك غضبا شديدا، وقال: ترك دين آبائنا الذي توارثوه آخرا عن أول، وصبا إلى دين محدث.
ثم جمع أهل سجستان، فزين لهم خلع بشتاسف، وأظهروا عصيانه، فدعا بشتاسف ابنه (إسفندياذ) وكان أشد أهل عصره، فقال له: يا بني، إن الملك مفض إليك وشيكا، ولا تصلح أمورك كلها إلا بقتل رستم، وقد عرفت شدته وقوته، وأنت نظيره في الشدة والقوة، فانتخب من الجنود ما أحببت، ثم سر إليه.
فانتخب إسفندياذ من جنود أبيه اثني عشر ألف رجل من إبطال العجم، وسار نحو رستم، وزحف إليه رستم، فالتقيا ما بين بلاد سجستان وخراسان، فدعاه إسفندياذ إلى إعفاء الجيشين من القتال، وأن يبرز كل واحد منهما لصاحبه، فأيهما قتل صاحبه استولى على أصحابه، فرضى رستم بذلك، وعاهده عليه