فخرج فيمن كان معه، وجلس في المسجد، ووضعت الشموع والقناديل، وأمر مناديا فنادى بالكوفة (ألا برئت الذمة من رجل من العرفاء والشرط والحرس لم يحضر المسجد).
فاجتمع الناس، ثم قال: (يا حصين بن نمير - وكان على الشرطة - ثكلتك أمك إن ضاع باب سكة من سكك الكوفة، فإذا أصبحت فاستقر الدور، دارا، دارا، حتى تقع عليه.
وصلى ابن زياد العشاء في المسجد، ثم دخل القصر.
فلما أصبح جلس للناس، فدخلوا عليه، ودخل في أوائلهم محمد بن الأشعث، فأقعده معه على سريره.
وأقبل ابن تلك المرأة التي مسلم في بيتها إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث - وهو حينئذ غلام حين راهق - فأخبره بمكان مسلم عنده.
فأقبل عبد الرحمن إلى أبيه محمد بن الأشعث، وهو جالس مع ابن زياد، فأسر إليه الخبر.
فقال ابن زياد: (ما سار به ابنك؟
قال: (أخبرني أن مسلم بن عقيل في بعض دورنا).
فقال: (انطلق، فأتني به الساعة).
وقال لعبيد بن حريث: (ابعث مائة رجل من قريش) وكره أن يبعث إليه غير قريش من العصبية أن تقع.
فأقبلوا حتى أتوا الدار التي فيها مسلم بن عقيل، ففتحوها، فقاتلهم، فرمى، فكسر فوه، وأخذ، فأتي ببغلة فركبها، وصاروا به إلى ابن زياد.
(قتل مسلم بن عقيل) فلما أدخل عليه، وقد اكتنفه الجلاوزة قالوا له: (سلم على الأمير).
قال: (إن كان الأمير يريد قتلي، فما أنتفع بسلام عليه، وإن كان لم يرد فسيكثر عليه سلامي).