بني كنعان بن حام بن نوح، وعليهم ملك جبار عات، عظيم الملك، فدعاه إلى الإيمان بالله، وخلع الأنداد، فتمرد عليه، فقتله، وأصاب ابنة له من أجمل الناس، فتسراها، ووقعت منه موقعا لطيفا.
وقفل إلى الشام، فأمر بمقصورة، فبنيت لها، وأفردها فيها مع ظئورتها (1) وخدمها، وكان سليمان لا يدخل عليها إلا وجدها باكية حزينة، فكدر ذلك عليه حبه لها، وعجبه بها، وهي المرأة التي نال سليمان في أمرها ما ناله من سلب ملكه، وزوال سلطانه وبهائه، حين اتخذت تلك المرأة تمثال أبيها في داره، وعبدته سرا من سليمان، إلا أن اتخاذها التمثال كان عن علم من سليمان، وأذن لها، أراد بذلك أن تسكن إذا نظرت إليه، فتتسلى.
ويقال: إن سليمان بنى في أقاصي بلاد المغرب مدينة من نحاس في مفاوز الأندلس، وأودعها خزائن من خزائنه، وإن عبد الملك بن مروان كتب إلى عامله على بلاد المغرب، موسى بن نصير - وكان من أبناء العجم، غير أن ولاءه كان لقيس - يأمره بالمسير إلى هذه المدينة ليعلم له علم خبرها، ويكتب إليه، وإن موسى بن نصير سار إليها، وانصرف راجعا حتى سار إلى القيروان، وكتب بالخبر إلى عبد الملك، يصف له المدينة، وما لقي في سفره إليها، وما رآه عند مصيره نحوها.
(أرخبعم بن سليمان) قالوا: ولما توفي سليمان قام بالأمر بعده أرخبعم بن سليمان، فتفرقت بنو إسرائيل، ووهى أمره، فمكث بذلك إلى أن سار (بخت نصر) - وهو (بوخت نرسى) عند العجم إلى بيت المقدس، فهدمه.
(انقسام إمبراطورية سليمان) قالوا: وقام باليمن بعد بلقيس ياسر ينعم بن عمر بن شرحبيل بن عمرو، وكان