والنصرة، فإن سمعت، وأطعت، وآمنت بالله، وخلعت الأنداد التي تعبد من دون الله، وحملت إلى وظيفة الخراج، قبلت منك وكففت عنك، وتنكبت أرضك، وإن أبيت ذلك سرت إليك، ولا قوة إلا بالله).
فكتبت إليه: (أن الذي حملك على ما كتبت به فرط بغيك، وعجبك بنفسك، فإذا شئت أن تسير فسر، تذق غير ما ذقت من غيري، والسلام).
فلما رجع جواب كتابه أرسل إليها بملك مصر، وكان في طاعته، ليدعوها إلى الطاعة، وينذرها وبال المعصية، فسار إليها في مائة رجل من خاصته، فلم يجد عندها ما يحب، فرجع إلى الإسكندر، فأعلمه، فتجهز الإسكندر إليها، ومضى في جنوده، حتى انتهى إلى مدينة القيروان (1) - وهي من مصر على شهر - فافتتحها بالمجانيق (2)، ثم سار إلى القنداقة، فكانت له ولها قصص وأنباء، فعاهدها على الموادعة و المسالمة، وألا يطور بسلطانها وشئ مما في مملكتها.
ثم سار من هناك قاصدا الظلمة التي في الشمال، حتى دخلها، فسار فيها ما شاء الله، ثم انكفأ راجعا حتى إذا صار في تخوم أرض الروم ابتنى هناك مدينتين، يقال لإحداهما، قافونية، وللأخرى سورية.
(الإسكندر وبلاد الشرق الأقصى) ثم هم بالاجتياز إلى أرض المشرق، فقال له وزراؤه: (كيف يمكنك الاجتياز إلى مطلع الشمس من هذه الجهة، ودون ذلك البحر الأخضر، ولا تعمل فيه السفن، لأن ماءه شبيه بالقيح، ولا يصبر على نتن ريحه أحد؟) فقال: (لا بد من المسير، ولو لم أسر إلا وحدي) قالوا: (نحن معك حيث سرت). فسار حتى قطع أرض الروم، يؤم مشرق الشمس، ثم جاوزهم