(مسلم في الكوفة) فسار مسلم حتى وافى الكوفة، ونزل في الدار التي تعرف بدار المختار بن أبي عبيدة، ثم عرفت اليوم بدار المسيب.
فكانت الشيعة تختلف إليه، فيقرأ عليهم كتاب الحسين، ففشا أمره بالكوفة حتى بلغ ذلك النعمان بن بشير أميرها، فقال: (لا أقاتل إلا من قاتلني، ولا أثب إلا على من وثب علي، ولا آخذ بالقرفة (1) والظنة، فمن أبدى صفحته ونكث بيعته ضربته بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم أكن إلا وحدي). وكان يحب العافية ويغتنم السلامة.
فكتب مسلم بن سعيد الحضرمي وعمارة بن عقبة - وكانا عيني يزيد بن معاوية إلى يزيد يعلمانه قدوم مسلم بن عقيل الكوفة داعيا للحسين بن علي، وأنه قد أفسد قلوب أهلها عليه، فإن يكن لك في سلطانك حاجة فبادر إليه من يقوم بأمرك، ويعمل مثل عملك في عدوك، فإن النعمان رجل ضعيف أو متضاعف، والسلام.
فلما ورد الكتاب على يزيد أمر بعهد، فكتب لعبيد الله بن زياد على الكوفة، وأمره أن يبادر إلى الكوفة، فيطلب مسلم بن عقيل طلب الحرزة حتى يظفر به، فيقتله، أو ينفيه عنهما، ودفع الكتاب إلى مسلم بن عمرو الباهلي أبي قتيبة بن مسلم، وأمره بإغذاذ السير. فسار مسلم حتى وافى البصرة، وأوصل الكتاب إلى عبيد الله بن زياد.
وقد كان الحسين بن علي رضي الله عنه كتب كتابا إلى شيعته من أهل البصرة مع مولى له يسمى (سلمان) نسخته:
(بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى مالك بن مسمع، والأحنف ابن قيس، والمنذر بن الجارود، ومسعود بن عمرو، وقيس بن الهيثم، سلام عليكم، أما بعد، فإني أدعوكم إلى إحياء معالم الحق وإماتة البدع، فإن تجيبوا تهتدوا سبل الرشاد، والسلام).
فلما أتاهم هذا الكتاب كتموه جميعا إلا المنذر بن الجارود، فإنه أفشاه، لتزويجه ابنته هندا من عبيد الله بن زياد، فأقبل حتى دخل عليه، فأخبره