(الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب) وولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت ولاية عمر سنة ثلاث عشرة، ثم إن عمر رضي الله عنه عزم على توجيه خيل إلى العراق، فدعا أبا عبيد بن مسعود، وهو أبو المختار بن أبي عبيد الثقفي فعقد له على خمسة آلاف رجل، وأمره بالمسير إلى العراق، وكتب إلى المثنى بن حارثة، أن ينضم بمن معه إليه، ووجه مع أبي عبيد سليط بن قيس، من بني النجار الأنصاري، وقال لأبي عبيد: (قد بعثت معك رجلا هو أفضل منك إسلاما، فاقبل مشورته) وقال لسليط: (لولا أنك رجل عجل في الحرب لوليتك هذا الجيش، والحرب لا يصلح لها إلا الرجل المكيث) فسار أبو عبيد نحو الحيرة، لا يمر بحي من أحياء العرب إلا استنفرهم، فتبعه منهم طوائف، حتى انتهى إلى قس الناطف (1) فاستقبله المثنى فيمن معه.
وبلغ العجم إقبال أبي عبيد، فوجهوا مردان شاه الحاجب في أربعة آلاف فارس، فأمر أبو عبيد بالجسر، فعقد ليعبر إليهم. فقال له المثنى: (أيها الأمير لا تقطع هذه اللجة، فتجعل نفسك ومن معك غرضا لأهل فارس). فقال له أبو عبيد (جبنت يا أخا بكر). وعبر إليهم بمن معه من الناس، وولي أبا محجن الثقفي الخيل، وكان ابن عمه، ووقف هو في القلب، وزحف إليهم الفرس، فاقتتلوا، فكان أبو عبيد أول قتيل، فأخذ الراية أخوه الحكم، فقتل، ثم أخذها قيس بن حبيب أخو أبي محجن، فقتل، وقتل سليط بن قيس الأنصاري في نفر من الأنصار كانوا معه، فأخذ المثنى الراية، وانهزم المسلمون.
فقال المثنى لعروة بن زيد الخيل الطائي (انطلق إلى الجسر، فقف عليه)، وحل بين العجم وبينه). وجعل المثنى يقاتل من وراء الناس، ويحميهم حتى عبروا، ويوم جسر أبي عبيد معروف، وسار المثنى بالمسلمين حتى بلغ الثعلبية (2)، فنزل،