فاكتريا له رجلا من بني يشكر أمينا هاديا بالطريق، وحملاه على ناقة مهرية (1)، وقالا لليشكري: عليك به لا تفارقه حتى توصله إلى مأمنه بالشام.
فخرج، وخرجا معه مشيعين له في نفر من قومهما ثلاثة أيام، ثم ودعاه وانصرفا.
قال اليشكري: فبينا نحن نسير ذات ليلة إذا استقبلنا عير وحاد يحدو فيها، ويقول:
يا رب، رب الأرض والعباد العن زيادا، وبني زياد كم قتلوا من مسلم عباد جم الصلاة خاشع الفؤاد يكابد الليل من السهاد فلما سمع عبيد الله ذلك فزع، وقال: عرف مكاني.
فقلت: لا تخف، فليس كل من ذكرك يعلم موضعك.
ثم سرنا فأطرق طويلا، وهو على ناقته، فظننت أنه نائم، فناديته: يا نومان.
فقال: ما أنا بنائم، ولكني مفكر في أمر.
قلت: إني لأعلم الذي كنت مفكرا فيه.
فقال: هاته إذن.
قلت: ندمت على قتلك الحسين بن علي، وفكرت في بنائك القصر الأبيض بالبصرة، وما أنفقت عليه من الأموال، ثم لم يقض لك التمتع به، وندمت على ما كان من قتلك الخوارج من أهل البصرة بالظنة والتوهم.
قال عبيد: ما أصبت يا أخا بني يشكر شيئا مما كنت مفكرا فيه، أما قتلي الحسين فإنه خرج على إمام وأمه مجتمعة، وكتب إلى الإمام يأمرني بقتله، فإن كان ذلك خطأ كان لازما ليزيد، وأما بنائي القصر الأبيض، فما فكرتي