فكان إذا أمسى استسرج له سراج، فيصلي طول ليلة، ويتلو الإنجيل، فسأله أبرسام عن قصته ودينه، فأخبره أنه رسول المسيح عيسى بن مريم، فأفضى أبرسام الخبر إلى أردشير، فدعا به، فنظر إلى سمته وهدوئه، وأراه الشيخ آيات من آيات المسيح، فلم يبعد عند أردشير، ولا هاجه بسوء.
(ملك الموصل وجرجيس) قالوا: وفي زمان ملوك الطوائف كانت قصة جرجيس، وإتيانه ملك الموصل، وكان جبارا متمردا، يعبد الأصنام، ويحمل الناس على عبادتها، وكان جرجيس من أهل الجزيرة، وكان من أمره وأمر ذلك الملك ما قد أتت به الأخبار.
وكان أردشير هو الذي أكمل آيين (1) الملوك ورتب المراتب، وأحكم السير، وتفقد صغير الأمر وكبيرة، حتى وضع كل شئ من ذلك على موضعه، عهد عهده المعروف إلى الملوك، فكانوا يمتثلونه، ويلزمونه، ويتبركون بحفظه والعمل به، ويجعلونه درسهم ونصب أعينهم، وبنى من المدن ست مدائن، منها بأرض فارس مدينة أردشير خره، ومدينة رام أردشير ومدينة هرمزدان أردشير، وهي قصده الأهواز، ومدينة أستاذ أردشير، وهي كرخ ميسان، ومدينة فوران أردشير، وهي التي بالبحرين، ومدينة بالموصل، تسمى خرزاد أردشير.
(ملكيكرب ملك اليمن) قالوا: وملك بعد أسعد ملك اليمن، الذي كسا البيت ونحر عنده وطاف به وعظمه ابن عمه ملكيكرب بن عمرو بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو ذي الأذعار، فملك عشرين سنة لا يبرح بيته، ولا يغزو كما كانت الملوك قبله تفعله تحرجا من الدماء.