(زياد بن أبيه) وكان زياد بن أبيه إنما يعرف بزياد بن عبيد، وكان عبيد مملوكا لرجل من ثقيف، فتزوج سمية، وكانت أمه للحارث بن كلدة، فأعتقها، فولدت له زيادا، فصار حرا، ونشأ غلاما لقنا ذهنا، عاقلا أديبا، فأخرجه المغيرة بن شعبة معه إلى البصرة حين وليها من قبل عمر بن الخطاب، فاستكتبه المغيرة.
فلما ولي علي بن أبي طالب ولى زيادا أرض فارس، فلما توجه إلى صفين كتب معاوية إلى زياد يتوعده، فقام زياد في الناس، فقال: (إن ابن آكلة الأكباد ورأس النفاق كتب إلي يتوعدني، وبيني وبينه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعين ألف مدجج من شيعته، أما والله لئن رامني ليجدني ضرابا بالسيف).
فلما قتل علي، واستدف الأمر لمعاوية تحصن زياد بقلعة مدينة إصطخر، وكتب معاوية له أمانا على أن يأتيه، فإن رضي ما يعطيه، وإلا رده إلى متحصنه بتلك القلعة.
فسار إلى معاوية، وترقت به الأمور إلى أن ادعاه معاوية، وزعم للناس أنه ابن أبي سفيان، وشهد له أبو مريم السلولي - وكان في الجاهلية خمارا بالطائف - أن أبا سفيان وقع على سمية بعد ما كان الحارث أعتقها، وشهد رجل من بني المصطلق، اسمه يزيد، أنه سمع أبا سفيان يقول: (إن زيادا من نطفة أقرها في رحم أمه سمية، فتم ادعاؤه إياه. وكان في ذلك ما كان.
وأمر معاوية زيادا أن يسير إلى الكوفة إلى أن يرد عليه أمره، فسار زياد حتى قدم الكوفة، وعليها المغيرة بن شعبة، فنزل دار سلمان بن ربيعة الباهلي، ووافاه كتاب معاوية بولاية البصرة، فسار إليها.
فلما وافاها قصد المسجد الجامع، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (إنه قد كانت بيني وبين قوم أحقاد، وقد جعلتها تحت قدمي، ولست أؤاخذ أحدا