[الراوندية] ثم سار منها سنة اثنتين وأربعين ومائة نحو البصرة حتى وافاها، فبلغه أن الراوندية (1) تداعوا، وخرجوا يطلبون بثأر أبي مسلم، وخلعوا الطاعة، فوجه إليهم خازم بن خزيمة، فقتلهم، وبددهم في الأرض، ثم عقد لمعن بن زائدة من البصرة على اليمن، وأقام عامة ذلك بالبصرة.
وزعموا أن عمرو بن عبيد دخل إليه، فلما رآه أبو جعفر صافحه، وأجلسه إلى جانبه، فتكلم عمرو، فقال:
يا أمير المؤمنين، إن الله قد أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك من الله ببعضها، واعلم أن الله لا يرضى منك إلا بما ترضاه منه، فإنك لا ترضى من الله إلا بأن يعدل عليك، وإن الله لا يرضى منك إلا بالعدل في رعيتك، يا أمير المؤمنين، إن من وراء بابك نيرانا تأجح من الجور، وما يعمل من وراء بابك بكتاب الله ولا بسنة رسول الله، يا أمير المؤمنين: ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، حتى أتى على آخر السورة (2)، ثم قال: ولمن عمل والله بمثل عملهم.
قالوا: فبكى أبو جعفر. فقال ابن مجالد: مه يا عمرو، قد شققت على أمير المؤمنين منذ اليوم.
قال عمرو: من هذا يا أمير المؤمنين؟
قال: هذا أخوك ابن مجالد.
قال عمرو: يا أمير المؤمنين ما أحد أعدى لك من ابن مجالد، أيطوي عنك النصيحة، ويمنعك من ينصحك؟ وإنك لمبعوث وموقوف ومسئول عن مثاقيل الذر من الخير والشر.