فلما جن الليل، وهدأ الناس خرج الرجال مستلئمين، معهم السيوف، لا يستقبلهم أحد إلا قتلوه، حتى أتوا باب المدينة، فقتلوا الحرس، وفتحوا الباب.
ودخل قتيبة بالجيش، ووقعت الواعية، وهرب الدهقان في سرب (1)، فلحق بالملك، وصارت سمرقند في قبضة قتيبة، فخلف عليها رجلا.
وسار حتى أتى الصغانيان، فهرب الملك منهم حتى صار في بلاد الترك، ووغل فيها، وخلى المملكة لقتيبة.
فدخل قتيبة الصغانيان، ووجه عماله إلى كش (2) ونسف (3)، وافتتح جميع ما وراء النهر، وجميع تخارستان، ولم يبق من خراسان شئ إلا افتتحه.
ولم يزل قتيبة بخراسان سنين حتى شغب عليه أجناده فقتلوه.
فاستعمل الوليد بن عبد الملك عليها الجراح بن عبد الله الحكمي.
وحج الوليد بن عبد الملك في سنة إحدى وتسعين، وقد فرغ عمر بن عبد العزيز من بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فدخله، وطاف به، ونظر إلى بنائه.
ولم يكن بقي في زمن الوليد من الصحابة إلا نفر يسير، منهم بالمدينة، سهل ابن سعد الساعدي، وكان يكنى أبا العباس، توفي في آخر خلافة الوليد، وكان يوم مات ابن مائة سنة، ومنهم جابر بن عبد الله.
وبالبصرة أنس بن مالك.
وبالكوفة عبد الله بن أبي أوفى.
وبالشام أبو أمامة الباهلي.
[موت الحجاج] وفي السنة الخامسة من خلافة الوليد مات الحجاج بواسط، وله أربع وخمسون سنة، وكانت إمرته على العراق عشرين سنة.