[هشام بن عبد الملك] ثم استخلف هشام بن عبد الملك، وهو ابن أربع وثلاثين سنة.
فعزل أسد بن عبد الله عن خراسان، وولاها الجنيد بن عبد الرحمن، وكان رجلا من اليمانية، ذا فضل وسخاء.
وهو الذي يقول فيه الشاعر:
ذهب الجود والجنيد جميعا * فعلى الجود والجنيد السلام * * * ولما قتل أبو عكرمة وحيان وجه الإمام محمد بن علي إلى خراسان خمسة نفر من شيعته: سليمان بن كثير، ومالك بن الهيثم، وموسى بن كعب، وخالد بن الهيثم، وطلحة بن زريق، وأمرهم بكتمان أمرهم، وألا يفشوه إلى أحد إلا بعد أن يأخذوا عليه العهود المؤكدة بالكتمان.
فساروا حتى أتوا خراسان، فكانوا يأتون كورة بعد كورة، فيدعون الناس سرا إلى أهل بيت نبيهم، ويبغضون إليهم بني أمية، لما يظهر من جورهم واعتدائهم، وركوبهم القبائح، حتى استجاب لهم بشر كثير في جميع كور خراسان.
وبلغ الجنيد أمرهم، فأمر بطلبهم، وأخذوا، وأتي بهم الجنيد.
فقال: يا فسقة، قد قدمتم هذه البلاد، فأفسدتم قلوب الناس على بني أمية، ودعوتم إلى بني العباس.
فتكلم سليمان بن كثير، وقال: أيها الأمير، أتأذن لي في الكلام؟
قال: تكلم قال: أنا وإياك كما قال الشاعر:
لو بغير الماء حلقي شرق * لاستغثت اليوم بالماء القراح نعلمك أيها الأمير، إنا أناس من قومك اليمانية، وإن هؤلاء المضرية تعصبوا علينا، فرقوا إليك فينا الزور والبهتان، لأنا كنا أشد الناس على قتيبة، فهم الآن يطلبون بثأره بكل علة.