(ملك التبابعة) ثم ملك بعده ابنه تبع بن ملكيكرب، وهو تبع الأخير، وكانت التبابعة ثلاثة، أولهم: شمر أبو كرب الذي غزا الصين، وأخرب مدينة سمرقند، والثاني تبع أسعد الذي ذبح للبيت الحرام الذبائح، وعلق عليه باب ذهب، والثالث تبع بن ملكيكرب، ولم يسم غير هؤلاء الثلاثة من ملوك اليمن تبعا، وكان تبع هذا الأخير في عصر سابور بن أردشير، وفي عصر هرمز بن سابور، وكان تبع بن ملكيكرب كبير الشأن عظيم السلطان، وهو الذي غزا بلاد الهند، فقتل ملكها، وهو من أولاد فؤر الملك الذي قتله الإسكندر، ثم انصرف إلى اليمن، ومات في ملك بهرام بن هرمز بن سابور بن أردشير.
ثم ملك من بعد تبع ابنه حسان بن تبع بن ملكيكرب، وهو الذي غزا أرض فارس فيما يزعمون، وهو الذي ضجرت الحميرية لكثرة غزوة بها، وقلة مقامه بأرض اليمن، فزينوا لأخيه عمرو بن تبع قتله ليملكوه عليهم، فطابقوه جميعا على ذلك إلا ذارعين فإنه أبى ذلك، ولم يدخل فيه مع القوم، فعدا عمرو على أخيه، فقتله، وملك من بعده، وانصرف بقومه إلى اليمن، فسلط الله عليهم السهر.
(سابور) فلما ملك سابور بن أردشير غزا أرض الروم، فافتتح مدينة قالوقية، ومدينة قبدوقية، وأثخن في الروم، ثم انصرف إلى العراق، وسار إلى أرض الأهواز ليرتاد مكانا يبني فيه مدينة، يسكنها السبي الذي قدم بهم من أرض الروم، فبنى مدينة جنديسابور، واسمها بالخوزية نيلاط، وأهلها يسمونها نيلاب، فكان سابور قد أسر (اليريانوس) خليفة صاحب الروم، فأمره ببناء قنطرة على نهر تستر على أن يخليه، فوجه إليه ملك الروم ناسا من أرض الروم والأموال، فبناها، فلما فرغ منها أعتقه.