هذه البيعة، فغضب أبرهة عند ذلك غضبا شديدا، وتجهز للمسير إلى مكة ليهدم الكعبة، فأرسل إلى النجاشي، فبعث إليه بفيل كالجبل الراسي، يقال له محمود، فسار إلى مكة، فكان من أمره ما قد قصة الله في سورة الفيل.
(الحبشان وهدم الكعبة) قالوا: ولما أهلك الله أبرهة خلفه في ملكه بأرض اليمن ابنه يكسوم بن أبرهة، فكان شرا من أبيه وأخبث سيرة، فلبث على اليمن تسع عشرة سنة ثم مات. فملك من بعده أخوه مسروق، وكان شرا من أخيه، وأخبث سيرة.
(سيف بن ذي يزن) فلما طال ذلك على أهل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري من ولد ذي نواس حتى أتى قيصر، وهو بأنطاكية (1)، فشكى إليه ما هم فيه من السودان، وسأله أن ينصرهم وينفيهم عن أرضهم، ويكون ملك اليمن له، فقال قيصر:
أولئك هم على ديني، وأنتم عبدة أوثان، فلم أكن لأنصركم عليهم.
فلما يئس منه توجه إلى كسرى، فقدم الحيرة على النعمان بن المنذر، فشكى إليه أمره، فقال له النعمان: ما كان سبب إخراج جدنا ربيعة بن نصر إيانا عن أرض اليمن، وإسكاننا بهذا المكان إلا لهذا الشأن فأقم، فإن لي وفادة في كل عام إلى الملك كسرى بن قباذ، وقد حان ذلك، فإذا خرجت أخرجتك معي، واستأذنت لك، وتشفعت لك إليه فيما قصدت له، ففعل واستأذن، وتشفع، فوجه كسرى بجيش ممن كان في السجون، وأمر