قالوا: وإن عبيد الله بن الحر ندم على تركه إجابة الحسين حين دعاه بقصر بني مقاتل إلى نصرته، وقال:
فيالك حسرة ما دمت حيا * تردد بين حلقي والتراقي حسين حين يطلب بذل نصري * على أهل العداوة والشقاق فما أنسى غداة يقول حزنا * أتتركني وتزمع لانطلاق؟
فلو فلق التلهف قلب حي * لهم القلب مني بانفلاق ثم مضى نحو أرض الجبل مغاضبا لابن زياد، واتبعه أناس من صعاليك الكوفة.
(عبد الله بن الزبير) قالوا: وإن ابن الزبير لما سار إلى مكة وخرج الحسين عنها سائرا إلى الكوفة كان يقول: (إني في الطاعة، غير إني لا أبايع أحدا، وأنا مستجير بالبيت الحرام).
فبعث إليه يزيد بن معاوية رجلا في عشرة نفر من حرسه، وقال:
(انطلق، فانظر ما عنده، فإن كان في الطاعة فخذه بالبيعة، وإن أبي فضع في عنقه جامعة (1) وائتني به).
فلما قدم الحرسي عليه، وأخبره بما أتاه فيه تمثل ابن الزبير:
ما أن ألين لغير الحق أسأله حتى يلين لضرس الماضغ الحجر وقال للحرسي: (انصرف إلى صاحبك، فأعلمه أنني لا أجيبه إلى شئ مما يسألني).
قال الحرسي: ألست في الطاعة؟
قال: بلى، غير إني لا أمكنك من نفسي، ولا أكاد.
فانصرف الحرسي إلى يزيد، فأخبره بذلك.