فلما انتهى ذلك إلى الجنيد بعث رسله في أقطار خراسان.
وكتب إلى عماله في الكور يطلب القوم، فطلبوا، فلم يدرك لهم أثر.
[أبو مسلم الخراساني] قالوا: وكان بدء أمر أبي مسلم أنه كان مملوكا لعيسى، ومعقل، ابني إدريس، ابن عيسى العجليين، وكان مسكنهما بماه البصرة، مما يلي أصبهان.
وكان أبو مسلم ولد عندهما، فنشأ غلاما، فهما، أديبا، ذهنا، فأحباه حتى نزل منهما منزلة الولد.
وكانا يتوليان بني هاشم، ويكاتبان الإمام محمد بن علي، فمكثا بذلك ما شاء الله.
ثم إن هشاما عزل خالد بن عبد الله القسري من العراق، وولى مكانه يوسف ابن عمر الثقفي، فكان يوسف بن عمر لا يدع أحدا يعرف بموالاة بني هاشم، ومودة أهل بيت رسول الله إلا بعث إليه، فحبسه عنده بواسط.
فبلغه أمر عيسى، ومعقل ابني إدريس، فأشخصهما، وحبسهما بواسط فيمن حبس من الشيعة.
وكانا أخرجا معهما أبا مسلم فكان يخدمهما في الحبس.
وإن سليمان بن كثير، ومالك بن الهيثم، ولاهز بن قرط، وهم كانوا الدعاة بخراسان قدموا للحج، وقدم معهم قحطبة بن شبيب، وكان ممن بايعهم، وشايعهم على أمرهم، فجعلوا طريقهم على مدينة واسط، ودخلوا الحبس، فلقوا من كان فيه من الشيعة، فرأوا أبا مسلم، فأعجبهم ما رأوا من هيئته، وفهمه، واستبصاره في حب بني هاشم.
ونزل هؤلاء النفر بعض الفنادق بواسط، فكان أبو مسلم يختلف إليهم طول مقامهم حتى أنس بهم، وأنسوا به، فسألوه عن أمره.