فلما نظرنا إليه بكينا، فقال: ما لكم؟ فقلنا: هذه صورة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أ بدينكم، إنها صورة نبيكم؟ قلنا: نعم، هي صورة نبينا، كأنا نراه حيا، فطواها، وردها، وقال: أما إنها آخر البيوت إلا إني أحببت أن أعلم ما عندكم، ثم فتح بابا آخر، فاستخرج منه خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء، أجمل ما يكون من الرجال، وأشبههم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال:
وهذا إبراهيم، ثم فتح بيتا آخر، فاستخرج صورة رجل آدم، (1) كهيئة المحزون المفكر، ثم قال: هذا موسى بن عمران، ثم فتح بيتا آخر، فاستخرج صورة رجل، له ضفيرتان، كان وجهه دارة القمر، ثم قال: وهذا داود، ثم فتح بيتا آخر، فاستخرج صورة رجل جميل على فرس، له جناحان، ثم قال: وهذا سليمان (2)، وهذه الريح تحمله، ثم فتح بيتا آخر، فاستخرج صورة شاب جميل الوجه، في يده عكازة، وعليه مدرعة (3) صوف، ثم قال: وهذا عيسى، روح الله، وكلمته، ثم قال: إن هذه الصورة وقعت إلى الإسكندر، فتوارثها الملوك من بعده حتى أفضت إلي.
قالوا: وإن ذا الأذعار خرج في جنوده، يطلب بثأر أبيه ذي جيشان الذي صار إلى أرض فارس، فحارب كيخسرو، فقتل في المعركة، فمات ذو الأذعار في طريقه قبل أن يدرك ما أراد.
ملك بلقيس فملكت اليمن عليهم الهدهاد بن شرحبيل بن عمرو بن مالك بن الرائش، وكان الهدهاد يلقب بذي شرخ، فأمر بجسم ذي الأذعار، فحمل، ورجع بقومه إلى أرض اليمن، فأمر به، فدفن بصنعاء (4) في مقبرة الملوك. قالوا: وإن الهدهاد