والفساطيط والقباب، فلم يزل النعمان يسفر بينه وبين عظماء فارس وأشرافهم إلى أن أنابوا وتابوا إلى بهرام.
(ملك بهرام جور) وبسط بهرام من آمالهم، وشرط لهم المعدلة وحسن السير، فخلوا بينه وبين الملك، وسمعوا وأطاعوا، وحبا (1) بهرام المنذر والنعمان، وأكرمهما، وكافأه بيده عنده في تربيته ومعاضدته، ففوض إليه جميع أرض العرب، وصرفه إلى مستقره من الحيرة.
ولما استتب لبهرام الملك آثر اللهو على ما سواه، حتى عتب عليه رعيته، وطمع فيه من كان حوله من الملوك، فكان أول من شخص صاحب الترك، فإنه نهض في جموعه من الأتراك حتى أوغل في خراسان، فشن فيها الغارات، وانتهى النبأ إلى بهرام، فترك ما كان فيه من الاستهتار باللهو، وقصد عدوه، فأظهر أنه يريد آذربيجان ليتصيد هناك، ويلهو في مسيرة إليها، فانتخب من إبطال رجاله سبعة آلاف رجل، فحملهم على الإبل، وجنبوا الخيل، واستخلف على ملكه أخاه نرسى، ثم سار نحو آذربيجان، وأمر كل رجل من أصحابه الذين انتخبهم أن يكون معه باز وكلب، فلم يشك الناس أن مسيرة ذلك هزيمة من عدوه، وإسلام لملكه، فاجتمع العظماء والأشراف، فتأمروا بينهم، فاتفق رأيهم على توجيه وفد منهم إلى خاقان (2) صاحب الترك بأموال، يبعثون بها إليه ليصدوه عن استباحة البلاد.
وبلغ خاقان أن بهرام مضى هاربا، وأن أهل المملكة مجمعون على الخضوع له، فاغتر، وأمن هو وجنوده، وأقام بمكانه ينتظر الوفود والأموال.