قال: وأمر علي بمن كان منهم ذا رمق أن يدفعوا إلى عشائرهم، وأمر بأخذ ما كان في معسكرهم من سلاح ودواب، فقسمه في أصحابه، وأمر بما سوى ذلك، فدفع إلى وراثهم.
فلما أراد علي الانصراف من النهروان قام في أصحابه، فقال: (أيها الناس، إن الله قد نصركم على المارقين، فتوجهوا من فوركم هذا إلى القاسطين) يعني أهل الشام، فقام إليه رجال من أصحابه، فيهم الأشعث بن قيس، فقالوا:
(يا أمير المؤمنين، نفدت نبالنا، وكلت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا، فارجع بنا إلى مصرنا، لنستعد بأحسن عدتنا).
فرحل بالناس حتى نزل النخيلة، فعسكر بها، فأقاموا أياما، فجعلوا يتسللون إلى الكوفة، فلم يبق معه في المعسكر إلا زهاء ألف رجل من الوجوه.
فلما رأى ذلك دخل الكوفة، فأقام بها، وسار فروة بن نوفل بمن كان معه إلى حلوان، فجعل يجبي خراجها ويقسمه في أصحابه.
(نهاية علي بن أبي طالب) قالوا ولما رأى علي رضي الله عنه تثاقل أصحابه أهل الكوفة عن المسير معه إلى قتال أهل الشام، وانتهى إليه ورود خيل معاوية الأنبار، وقتلهم مسلحة علي بها والغارة عليها، كتب كتابا، ودفعه إلى رجل، وأمره أن يقرأه على الناس يوم الجمعة إذا فرغوا من الصلاة، وكانت نسخته:
(بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى شيعته من أهل الكوفة، سلام عليكم، أما بعد، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، من تركه ألبسه الله الذلة وشمله بالصغار، وسيم الخسف وسيل (1) الضيم، وإني قد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلا ونهارا وسرا وجهارا، وقلت لكم، اغزوهم قبل أن يغزوكم، فما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا واجترأ عليهم عدوهم، هذا أخو بني عامر قد ورد الأنبار، وقتل