أنوش زاذ ذريعة لشتمنا، ومرقاة إلى ذكرنا، وقد وفقت في تأديبك إياهم، فلا ترخص لأحد في مثل مقالتهم، والسلام) . ثم إن كسرى عوفي من مرضه، فانصرف في جنوده إلى دار ملكه، وقد أخذ ابنه أنوش زاذ أسير، وانتهى فيه إلى ما أمر به.
(الخراج في عهد كسرى) قالوا: وكانت ملوك الأعاجم يضعون على غلات الأرضين شيئا معروفا من المقاسمات: النصف، والثلث، والربع، والخمس إلى العشر، على قدر قرب الضياع من المدن، وعلى حسب الزكاء والريع، فهم قباذ بإسقاط ذلك، ووضع الخراج، فمات قبل أن يستتم المساحة، فأمر كسرى أنوشروان باستتمامها.
فلما فرغ منها أمر الكتاب ففصلوها، ووضعوا عليها الوضائع، ووظف الجزية على أربع طبقات، وأسقطها عن أهل البيوتات والمرازبة (1) والأساورة (2) والكتاب، ومن كان في خدمة الملك، ولم يلزم أحدا لم يأت له عشرون سنة، أو جاز الخمسين. وكتب تلك الوضائع في ثلاث نسخ، نسخة خلدها ديوانه، ونسخة بعث بها إلى ديوان الخراج، ونسخة دفعت إلى القضاء في الكور، ليمنعوا العمال من اعتداء ما في الدستور الذي عندهم، وأمر أن يجبي الخراج في ثلاثة أنجم، وسمي الدار التي يجبى فيها ذلك (سراي شمرة)، وتفسيره دار الثلاثة الأنجم، وهي التي تعرف بالشمرج اليوم، وقد قيل في تفسير ذلك غير هذا، أي إنما هي دار الحساب، والحساب شمرة، وهذا كلام معروف في لغة فارس إلى اليوم، يسمون الخراج الشمرة بالشين على معنى الحساب، ورفع خراج الرؤوس عن الفقراء وألزمني، وكذلك خراج الغلات، ورفعه عما نالته