فلما رأى ابن مطيع ضعفه عن القوم سأل الأمان على نفسه ومن معه من أصحابه، فأجابه المختار إلى ذلك، فأمنه.
فخرج ابن مطيع، وأظهر المختار إكرامه، وأمر له من بيت المال بمائة ألف ألف درهم، وحفظ فيه قرابته من عمر بن الخطاب، وقال له: (ارحل إذا شئت).
* * * ثم إن المختار غلب على الكوفة ودانت له العراق وسائر البلاد إلا الجزيرة والشام ومصر، فإن عبد الملك قد كان حماها، ووجه عماله في الآفاق.
فاستعمل عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني على الموصل، ومحمد بن عثمان التميمي على آذربيجان، وعبد الله بن الحارث أخا الأشتر على الماهين وهمذان، ويزيد ابن معاوية البجلي على أصبهان وقم وأعمالها، وابن مالك البكراوي على حلوان (1) وماسبذان، ويزيد بن أبي نجبة الفزاري على الري ودستبي، وزحر بن قيس على جوخى. وفرق سائر البلدان على خاصته.
وولى الشرطة كيسان أبا عمرة، وأمره أن يجمع ألف رجل من الفعلة بالمعاول، وتتتبع دور من خرج إلى قتال الحسين بن علي، فيهدمها.
وكان أبو عمرة بذلك عارفا، فجعل يدور بالكوفة على دورهم، فيهدم الدار في لحظة، فمن خرج إليه منهم قتلة، حتى هدم دورا كثيرة، وقتل أناسا كثيرا، وجعل يطلب ويستقصي، فمن ظفر به قتله، وجعل ماله وعطاءه لرجل من أبناء العجم الذين كانوا معه.
ثم إن المختار عقد ليزيد بن أنس الأسدي في عشرين ألف رجل، وقواهم بالسلاح والعدة، وولاه الجزيرة وما غلب عليه من أرض الشام.
فسار يزيد حتى نزل نصيبين.