محمد بن الحنفية حين كتب ذلك الكتاب إلى إبراهيم بن الأشتر، فأتيتهم في منزلهم رجلا رجلا، فقلت:
هل رأيت محمد بن الحنفية حين كتب ذلك الكتاب؟
فكل يقول: نعم، وما أنكرت من ذلك؟
فقلت في نفسي: إن لم استعملها من العجمي، يعني أبا عمرة، لم أطمع فيها من غيره.
فأتيته في منزله، فقلت:
ما أخوفني من عاقبة أمرنا هذا أن ينصب الناس جميعا لنا، فهل شهدت محمد بن الحنفية حين كتب ذلك الكتاب؟
فقال: والله ما شهدته حين كتبه، غير أن أبا إسحاق - يعني المختار - عندنا ثقة، وقد أتانا بعلامات من ابن الحنفية، فصدقناه.
قال الشعبي: فعرفت عند ذلك كذب المختار، وتمويهه، فخرجت من الكوفة حتى لحقت بالحجاز، فلم أشهد من تلك المشاهد شيئا.
* * * قالوا: وكان على شرطة عبد الله بن مطيع بالكوفة إياس بن نضار العجلي، وكان طريق إبراهيم بن الأشتر إذا ركب إلى المختار على باب داره، فأرسل إلى إبراهيم:
أنه قد كثر اختلافك في هذا الطريق، فأقصر عن ذلك.
فأخبر إبراهيم المختار بما أرسل إليه إياس، فقال له المختار: (تجنب ذلك الطريق، وخذ في غيره). ففعل.
وبلغ أياسا أن إبراهيم بن الأشتر لا يقلع عن إتيان المختار كل يوم، فأرسل إليه: أن أمرك يريبني، فلا أرينك راكبا، ولا تبرحن منزلك، فأضرب عنقك.
فأخبر إبراهيم المختار بذلك. واستأذنه في قتله، فأذن له.
وإن إبراهيم ركب في جماعة من أهل بيته وما يليه، وجعل طريقه على مجلس إياس، فقال له إياس: