(مبايعة يزيد) وانصرف يزيد فدخل الجامع، ودعا الناس إلى البيعة، فبايعوه، ثم انصرف إلى منزله.
ومات معاوية وعلى المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وعلى مكة يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية، وعلى الكوفة النعمان بن بشير الأنصاري، وعلى البصرة عبيد الله بن زياد.
فلم تكن ليزيد همة إلا بيعة هؤلاء الأربعة نفر، فكتب إلى الوليد بن عتبة يأمره أن يأخذهم بالبيعة أخذا شديدا لا رخصة فيه، فلما ورد ذلك على الوليد قطع به وخاف الفتنة، فبعث إلى مروان، وكان الذي بينهما متباعدا، فأتاه، فأقرأه الوليد الكتاب واستشاره.
فقال له مروان: (أما عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر فلا تخافن ناحيتهما، فليسا بطالبين شيئا من هذا الأمر، ولكن عليك بالحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، فابعث إليهما الساعة، فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما قبل أن يعلن الخبر، فيثب كل واحد منهما ناحية، ويظهر الخلاف).
فقال الوليد لعبد الله بن عمرو بن عثمان، وكان حاضرا - وهو حينئذ غلام حين راهق -: (انطلق يا بني إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، فادعهما).
فانطلق الغلام حتى أتى المسجد، فإذا هو بهما جالسين، فقال: (أجيبا الأمير).
فقالا للغلام: (انطلق، فإنا صائران إليه على أثرك). فانطلق الغلام.
فقال ابن الزبير للحسين رضي الله عنه: (فيم تراه بعث إلينا في هذه الساعة؟).
فقال الحسين: (أحسب معاوية قد مات، فبعث إلينا للبيعة). قال ابن الزبير:
(ما أظن غيره). وانصرفا إلى منازلهما.
* * * فأما الحسين فجمع نفرا من مواليه وغلمانه، ثم مشى نحو دار الإمارة، وأمر فتيانه أن يجلسوا بالباب، فإن سمعوا صوته اقتحموا الدار.