وإفريقية (1) خلفك، فإن رأيت ما تحب انصرفت إلى الشام، وإن تكن الأخرى اتسع لك المهرب نحو إفريقية، فإنها أرض واسعة، نائية منفردة.
قال: صدقت، لعمري، وهو الرأي.
فسار من حران حتى قطع الفرات، وجعل يستقري مدن الشام، فيستنهضهم، فيروغون عنه، ويهابون الحرب، فلم يسر معه منهم إلى قليل.
و سار أبو عون صاحب قحطبة في أثر مروان حتى انتهى إلى الشام، وقصد دمشق، فقتل من أهلها مقتلة عظيمة، فيهم ثمانون رجلا من ولد مروان ابن الحكم.
[نهاية بني أمية] ثم عبر الشام سائرا نحو مصر حتى وافاها، واستعد مروان فيمن كان معه، من أهل الوفاء له، وكانوا نحوا من عشرين ألف رجل، وسار مستقبلا أبا عون حتى التقى الفريقان، فاقتتلوا.
فلم يكن لأصحاب مروان ثبات، فقتل منهم خلق، وانهزم الباقون، فتبددوا، وهرب مروان على طريق إفريقية، وطلبته الخيل، فحال بينها وبينه الليل، فعبر مروان النيل في سفينة، فصار في الجانب الغربي، وكان منجما (2)، فقال لغلامه:
- إني إن سلمت هذه الليلة رددت خيل خراسان على أعقابها حتى أبلغ خراسان.
ثم نزل، ودفع دابته إلى غلامه، وخلع درعه، فتوسدها، ونام لشدة ما قد كان مر به من التعب، ولم يكن معه دليل يدله على الطريق، وخاف أن يوغل في تلك المفاوز، فيضل.