فينصبه مكانه، فخرج روبيل بذلك السبي، حتى ورد بهم إيليا، وأعاد بناءها، وبنى المسجد. وسار بهمن إلى سجستان، وقتل من قدر عليه من ولد رستم وأهل بيته، وأخرب قريته.
قالوا: وقد كان بهمن دخل في دين بني إسرائيل، فرفضه أخيرا، ورجع إلى المجوسية، وتزوج ابنته (خماني) وكانت أجمل أهل عصرها، فأدركه الموت وهي حامل منه، فأمر بالتاج فوضع على بطنها، وأوعز إلى عظماء أهل المملكة أن ينقادوا لأمرها حتى تضع ما في بطنها، فإن كان غلاما أقروا الملك في يدها إلى أن يشب ويدرك، ويبلغ ثلاثين سنة، فيسلم له الملك.
قالوا: وكان ساسان بن بهمن يومئذ رجلا ذا رواء وعقل وأدب وفضل، وهو أبو ملوك الفرس من الأكاسرة، ولذلك يقال لهم الساسانية، فلم يشك الناس أن الملك يفضي إليه بعد أبيه، فلما جعل أبوه الملك لابنته خماني أنف من ذلك أنفا شديدا، فانطلق، فاقتنى غنما، وصار مع الأكراد في الجبل، يقوم عليها بنفسه، وفارق الحاضرة غيظا من تقصير أبيه.
قالوا: فمن ثم يعير ولد ساسان إلى اليوم برعي الغنم، فيقال ساسان الكردي، وساسان الراعي.
(خماني زوج بهمن) فملكت خماني، فلما تم حملها وضعت غلاما، وهو دارا بن بهمن، ثم إنها تجهزت غازية لأرض الروم، فسارت حتى أوغلت في بلاد الروم، وخرج إليها ملك الروم في جنوده، فالتقوا، واقتتلوا، فكان الظفر لخماني، فقتلت، وأسرت، وغنمت، فقفلت وقد حملت معها بناءين من بنائي الروم، فبنوا لها بأرض فارس ثلاثة إيوانات (1): أحدها وسط مدينة إصطخر (2)، والثاني على المدرجة