الوجه الأول: سقوط الأمارة العامة عن الحجية بالكلية، بدعوى أن الوقوف على رواية الثقة عن الضعيف يكشف عن عدم صحة كونه ممن لا يروي إلا عن الثقة، فرواية ابن أبي عمير عن البطائني الضعيف تكشف عن عدم كونه ممن لا يروي إلا عن الثقة، كما ادعاه الشيخ، وقد تقدم.
ولعله لذلك منع المحقق (رحمه الله) في مواضع من المعتبر العمل بمراسيل ابن أبي عمير، مع أنه (رحمه الله) عمل بها في مواضع كثيرة منه مدعيا عمل الأصحاب بمراسيله.
ففي مسألة استحباب التسمية أمام الوضوء قال: ولو قال: مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الأصحاب منعنا ذلك، لأن في رجاله من طعن الأصحاب فيه، وإذا أرسل احتمل أن يكون الراوي أحدهم (1).
وفي مسألة العجين بماء النجس إذا طبخ بعد ذكر مرسلته، قال: وفي رواية أخرى يباع ممن يستحل الميتة، وهي ضعيفة، لأن ابن أبي عمير في هذه الرواية قال: عن بعض أصحابنا، وما أحسبه إلا حفص بن غياث، وحفص هذا ضعيف (2).
قلت: وتبعه بعض من تأخر في عدم جواز العمل بمراسيله معللا بالوقوف على روايته عن الضعيف، ونحن قد أشرنا سابقا إلى أن ابن أبي عمير وأضرابه، ممن عرف بأنه لا يروي إلا عن الثقة، قد رووا عن جماعة ممن ضعف في كلام الأصحاب. إلا أن ما ذكره المحقق (رحمه الله) مثالا لذلك بروايته عن حفص فغير ظاهر.
فإن ضعفه مذهبا لا ينافي الوثاقة في النقل، فلا ينافي الأمارة العامة. وقد حققنا ذلك في كتابنا في رجال المعتبر (نخبة الأثر).