فإن قيل: القول بوجوب الشرط زيادة على ما اقتضاه الامر بالمشروط، إذ لا دلالة عليه، والزيادة على النص نسخ، ونسخ مدلول النص لا يكون إلا بنص آخر، ولا نص. ثم لو كان واجبا، لكان مقدورا، حذرا من التكليف بما لا يطاق. وما يجب غسله من الرأس وإمساكه من الليل غير مقدور، ولكان مثابا عليه، ومعاقبا على تركه. والثواب والعقاب إنما هو على غسل الوجه وتركه، وعلى صوم اليوم وتركه، لا على مسح بعض الرأس، وإمساك شئ من الليل. ولهذا، فإنه لو تصور الاتيان بالمشروط دون شرطه، كان كذلك.
قلنا: جواب الأول أن النسخ إنما يلزم إن لو كان ما قيل بوجوبه رافعا لمقتضى النص الوارد بالمشروط، وليس كذلك، فإن مقتضاه وجوبه، ووجوبه باق بحاله.
وجواب الثاني أنه مبني على القول بأن كل واجب لا يقدر بقدر محدود. فالزيادة على أقل ما ينطلق عليه الاسم هل توصف بالوجوب لكون نسبة الكل إلى الوجوب نسبة واحدة، أو الواجب أقل ما ينطلق عليه الاسم والزيادة ندب. فمن ذهب إلى القول الأول، قال كل ما يأتي به من ذلك فهو واجب. والأصح إنما هو القول الثاني، وهو أن الواجب أقل ما ينطلق عليه الاسم، إذ هو مكتفي به من غير لوم على ترك الزيادة من غير بدل، وهو مقدور.
وجواب الثالث بمنع ما ذكروه.
وجواب الرابع بأن الوجوب إنما يتحقق بالنسبة إلى العاجز عن الاتيان بالمشروط دون الشرط لا القادر.