أحدهما لا بعينه لم ينتف إلا بانتفاء الجميع.
وان شئت قلت أن مفاد القضية الشرطية هو تعليق الجزاء على الشرط وأما كون الشرط واحدا أو متعددا وعلى تقدير التعدد كان ملحوظا على نحو العموم المجموعي أو العموم الاستغراقي فكل هذه الخصوصيات خارجة عن مفادها فلا اشعار فيها فضلا عن الدلالة نظير ذلك لفظ (كل) فإنه موضوع للدلالة على إرادة العموم والشمول بالإضافة إلى أفراد مدخوله ومتعلقه ومن الطبيعي ان هذه الدلالة لا تختلف باختلاف مدخوله سعة وضيقا، ضرورة أنه غير ناظر إلى ذلك أصلا فلا فرق بين قولنا أكرم كل عالم وقولنا أكرم كل انسان فان كلمة (كل) في كل المثالين قد استعملت في معنى واحد - وهو الدلالة على إرادة عموم أفراد مدخوله.
إلى هنا قد ظهر لنا هذه النتيجة وهي الفرق بين القضية للشرطية والقضية الحقيقية مثل قولنا يجب على المسافر القصر وعلى الحاضر التمام وما شاكل ذلك، فان المبرز عن اعتبار المولى إن كان هو القضية الحقيقية فهي لا تدل على المفهوم، لما تقدم من أن مدلولها هو قصد المتكلم الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع الخاص المفروض وجوده في الخارج، ولا يستلزم نفيه عن غيره كما هو واضح وأشرنا إليه آنفا أيضا، وهذا بخلاف القضية الشرطية كقولنا ان سافرت فقصر، فإنها كما تدل على ثبوت وجوب القصر عند ثبوت السفر وتحققه كذلك تدل على نفيه عند عدم تحققه، والحجر الأساسي لهذا الفرق هو أن عنوان المسافر أو نحوه بما أنه قد أخذ موضوعا للحكم بنفسه في القضية الحقيقية فبطبيعة الحال لا تدل إلا على ثبوته لهذا الموضوع الخاص ولا تدل على نفيه عن غيره، ضرورة أن ثبوت شئ لشئ لا يدل على نفيه عن غيره وأما في القضية الشرطية فالموضوع فيها هو نفس المكلف في المثال المتقدم وحيث إن له حالتين: حالة سفره. وحالة عدم سفره فالمولى