ومن ناحية أخرى ان الاجمال والبيان من الأمور الواقعية فالعبرة بهما إنما هي ينظر العرف فكل لفظ كان ظاهرا في معناه وكاشفا عنه عندهم فهو مبين وكل لفظ لا يكون كذلك سواء أكان بالذات أو بالعرض فهو مجمل فلا واسطة بينهما.
ومن هنا يظهر ان - ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قده) من أنهما من الأمور الإضافية وليسا من الأمور الواقعية بدعوى ان لفظا واحدا مجمل عند شخص لجهله بمعناه ومبين عند آخر لعلمه به - خاطئ جدا، وذلك لان الجهل بالوضع والعلم به لا يوجبان الاختلاف في معنى الاجمال والبيان فجهل شخص بمعنى لفظ وعدم علمه بوضعه له لا يوجب كونه من المجمل وإلا لزم أن تكون اللغات العربية مجملة عند الفرس وبالعكس مع أن الامر ليس كذلك.
نعم قد يقع الاختلاف في اجمال؟؟؟ فيدعى أحد انه مجمل ويدعى الآخر أنه مبين، ولكن هذا الاختلاف إنما هو في مقام الاثبات وهو بنفسه شاهد على أنهما من الأمور الواقعية والا فلا معنى لوقوع النزاع والخلاف بينهما لو كانا من الأمور الإضافية التي تختلف باختلاف انظار الأشخاص، نظير الاختلاف في بقية الأمور الواقعية فيدعى أحد أن زيدا مثلا عالم، ويدعي الآخر أنه جاهل، مع أن العلم والجهل من الأمور الواقعية النفس الامرية.
ومن ناحية ثالثة أنه يقع الكلام في عدة من الألفاظ المفردة والمركبة في أبواب الفقه انها مجملة أو مبنية والأولى كلفظ الصعيد ولفظ الكعب ولفظ الغناء وما شاكل ذلك والثانية مثل (لا صلاة إلا بطهور) أو (لا صلاة لمن لم يقم صلبه) وما شابه ذلك، ومنها الأحكام التكليفية المتعلقة بالأعيان الخارجية كقوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم) ونحوه، وبما أنه