مقدمات الحكمة فيه.
الثاني: سوف ما نذكره إن شاء الله تعالى في مبحث المطلق والمقيد ان مقدمات الحكمة إنما تجرى لاثبات ظهور المطلق في الاطلاق فإذا صدر كلام مطلق عن متكلم في مجلس ولم يصدر منه قرينة على الخلاف جرت مقدمات الحكمة فيه، وبها يثبت ظهوره في الاطلاق والعلم بأن سيرة المتكلم قد جرت على ابراز مراداته ومقاصده بالقرائن المنفصلة، وليس بنائه على ابرازها في مجلس واحد لا يمنع عن جريان مقدمات الحكمة في كلامه إذا لم ينصب قرينة متصلة على الخلاف.
والسبب فيه واضح هو ان القرينة المنفصلة لا تمنع عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق وإنما هي تمنع عن حجية ظهوره فيه، والمفروض ان جريان مقدمات الحكمة إنما هو لاثبات ظهوره فلا يكون العلم المزبور مانعا عنه.
وعلى الجملة فبناء على تسليم نظريته (قده) من أن دلالة أدوات العموم على إراداته من مدخولها تتوقف على جريان مقدمات الحكمة فيه فما أفاده (قده) في المقام غير تام، فان القرائن المنفصلة لا تمنع عن جريان مقدمات الحكمة في المطلق لاثبات ظهوره في الاطلاق، والمانع عنه إنما هو القرينة المتصلة فالمراد من عدم البيان الذي هو من إحدى مقدماتها هو عدم البيان المتصل لا المنفصل فلا يتوقف انعقاد ظهوره في الاطلاق على عدم بيانه أيضا.
وعليه فلا محالة ينعقد ظهور العام في العموم، سع ان لازم ما أفاده (قدس سره) هو عدم جواز التمسك بالعموم فيما إذا كان المخصص المنفصل مجملا حيث أنه يصلح أن يكون مانعا عن جريان مقدمات الحكمة في مدخوله فإذا لم تجر لم ينعقد ظهور للعام في العموم.