كونها من المسائل الأصولية العريقة في علم الأصول قد وقع شئ من التحير لدى باحثيها في ثمرتها الفقهية. وقد يبدو لأول نظرة ان ثمرتها اثبات الوجوب الغيري وهو حكم شرعي نستنبطه من الملازمة المذكورة.
ولكن الصحيح عدم صواب هذه النظرة، لان الحكم الشرعي الذي يبحثه علم الفقه - ويطلب من علم الأصول ذكر القواعد التي يستنبط منها - انما هو الحكم القابل للتحريك المولوي الذي تقع مخالفته موضوعا لاستحقاق العقاب. وقد عرفت أن الوجوب الغيري - على تقدير ثبوته - ليس كذلك فهو لا يصلح أن يكون بنفسه ثمرة لهذه المسألة الأصولية.
وأفضل ما يمكن ان يقال بهذا الصدد تصوير الثمرة كما يلي:
أولا: انه إذا اتفق ان أصبح واجب علة تامة لحرام وكان الواجب.
أهم ملاكا من الحرام، فتارة ننكر الملازمة، وأخرى نقبلها، فعلى الأول يكون الفرض من حالات التزاحم بين ترك الحرام وفعل الواجب، فنرجع إلى قانون باب التزاحم، وهو تقديم الأهم ملاكا ولا يسوغ تطبيق قواعد باب التعارض، كما عرفنا سابقا، وعلى الثاني يكون دليل الحرمة ودليل الوجوب متعارضين، لان الحرمة تقتضي تعلق الحرمة الغيرية بنفس الواجب، ويستحيل ثبوت الوجوب والحرمة على فعل واحد، وهذا يعني ان التنافي بين الجعلين، وكلما كان التنافي بين الجعلين دخل الدليلان في باب التعارض وطبقت عليه قواعده بدلا عن قانون باب التزاحم.
ثانيا: انه إذا اتفق عكس ما تقدم في الثمرة السابقة فأصبح الواجب صدفة متوقفا على مقدمة محرمة كإنقاذ الغريب إذا توقف على اجتياز الأرض المغصوبة، فلا شك في أن المكلف إذا اجتاز الأرض المغصوبة وأنقذ الغريق لم يرتكب حراما، لان الحرمة تسقط في هذه الحالة رعاية للواجب الأهم، واما إذا اجتاز الأرض المغصوبة ولم ينقذ الغريق فقد ارتكب حراما إذا أنكرنا الملازمة، وكذلك إذا قلنا بان الوجوب الغيري يختص بالحصة الموصلة من المقدمة ولم يرتكب حراما إذا قلنا بالملازمة، وان الوجوب