الطريقية مثلا يعرض في حلقة ابتدائية عرضا ساذجا بدون تعميق ثم يعمق في حلقة لاحقة، فيعرض على نحو يميز فيه بين التنزيل والاعتبار، وقد يعرض في حلقة أخرى حينئذ على نحو المقارنة بين هذين النحوين في النتائج والآثار.
المبرر الثاني: ان الكتب الأربعة السالفة الذكر - على الرغم من أنها استعملت ككتب دراسية منذ أكثر من خمسين عاما - لم تؤلف من قبل أصحابها لهذا الهدف، وانما ألفت لكي تعبر عن آراء المؤلف وأفكاره في المسائل الأصولية المختلفة، وفرق كبير بين كتاب يضعه مؤلفه لكي يكون كتابا دراسيا وكتاب يؤلفه ليعبر فيه عن أعمق وأرسخ ما وصل إليه من أفكار وتحقيقات، لان المؤلف في الحالة الأولى يضع نصب عينيه الطالب المبتدئ الذي يسير خطوة فخطوة في طريق التعرف على كنوز هذا العلم وأسراره، واما في الحالة الثانية فيضع المؤلف في تصوره شخصا نظيرا له مكتملا من الناحية العلمية ويحاول ان يشرح له وجهة نظره ويقنعه بها بقدر ما يتاح من وسائل الاقناع العلمي. ومن الواضح ان كتابا يوضع بهذا الاعتبار لا يصلح أن يكون كتابا دراسيا مهما كانت قيمته العلمية وابداعه الفكري، ومن أجل ذلك كانت الكتب الدراسية المتقدمة الذكر غير صالحة للقيام بهذا الدور على جلالة قدرها العلمي لأنها ألفت للعلماء والناجزين لا للمبتدئين والسائرين. فمن هنا لم يحرص في هذه الكتب وأمثالها من الكتب العلمية المؤلفة للعلماء على ابراز كل خطوات الاستدلال وحلقات التفكير في المسألة الواحدة، فقد تحذف بعض الحلقات في الأثناء أو البداية لوضوحها لدى العالم، غير أن الصورة حينئذ تصبح غير واضحة في ذهن الطالب وعلى سبيل المثال لتوضيح الفكرة نذكر انه بحث في التعبدي والتوصلي عن استحالة اخذ قصد الامتثال في متعلق الامر، وفرع عليه ان التعبدي لا يتميز عن التوصلي في مرحلة الامر بل في مرحلة الغرض إذ لا يستوفى غرضه إلا بقصد الامتثال، واستنتج من ذلك عدم امكان التمسك باطلاق الامر لاثبات