تفسيرها، لان الحديث في تلك الكتب مع العالم لا مع الطالب، والعالم محيط بتلك المصطلحات منذ البدء، ولهذا نجد في الصفحة الأولى من الكفاية استعمال مصطلح حجية الظن بناء على تقرير دليل الانسداد على الحكومة وهو مصطلح لا يكشف النقاب عنه إلا في أواسط الجزء الثاني من الكتاب.
المبرر الثالث: وهو أيضا ناتج عن الحالة العامة التي لوحظت في المبرر السابق، وهي ان المؤلفين كانوا يكتبون لأمثالهم لا للمبتدئين. وحاصل هذا المبرر ان المقدار الذي ينبغي ان يعطى من الفكر العلمي الأصولي في مرحلة السطح يجب ان يحدد وقفا للغرض المفروض لهذه المرحلة، والذي أعرفه غرضا لهذه المرحلة تكوين ثقافة عامة عن علم الأصول لمن يريد أن يقتصر على تلك المرحلة، والاعداد للانتقال إلى مرحلة الخارج لمن يريد مواصلة الدرس وهذا هو أهم الغرضين فلا بد إذن أن يكون المعطى بقدر يكفل ثقافة عامة تحقق هذا الاعداد وتوجد في الطالب فهما مسبقا بدرجة معقولة لما سوف يتلقى درسه من مسائل، ومرتبة من العمق والدقة تتيح له ان يهضم ما يواجهه في أبحاث الخارج من أفكار دقيقة موسعة وبناءات فكرية شامخة، ومن الواضح ان هذا يكفي فيه أن توفر الكتب الدراسية على اعطاء علم الأصول بهيكله العام، ولا يلزم ان يمتد البحث في تلك الكتب إلى التفريعات الثانوية ويتلقى وجهات نظر فيها بل الأفضل ان تترك هذه التفريعات على العموم إلى أبحاث الخارج ما دامت المفاتيح التي سوف يتسلمها الطالب كافية لمساعدته على الدخول فيها بعد ذلك مع أستاذ بحث الخارج. وعلى هذا الأساس نرى من المهم ان يحصل الطالب على تصورات شبه معمقة عن الأحكام الظاهرية وطريقة الجمع بينها وبين الواقع والفرق بين الامارات والأصول وسنخ المجعول في أدلة الحجية واثر ذلك على أبواب مختلفة كباب حكومة الامارة على الأصل وحكومة الاستصحاب على البراءة وقيام الامارة مقام القطع الموضوعي، لان هذه الأفكار تعتبر أساسية بالنسبة إلى الهيكل العام لعلم