بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين. وبعد فإن الدراسات العلمية لعلم أصول الفقه تمر في مناهج الحوزة عادة بمرحلتين، إحداهما: تمهيدية وهي ما تسمى بمرحلة السطح. والأخرى: المرحلة العالية وهي ما تسمى بمرحلة الخارج. وتتخذ هذه الدراسة في مرحلتها التمهيدية أسلوب البحث في كتب معينة مؤلفة في ذلك العلم يدرسها الطالب على يد الأساتذة الاكفاء ليتهيأ من خلال ذلك لحضور أبحاث الخارج. وقد جرى العرف العام في حوزاتنا جميعا على اختيار المعالم والقوانين والرسائل والكفاية كتبا دراسية للمرحلة المذكورة، وهذا عرف جرت عليه مناهج الحوزة منذ أكثر من نصف قرن ولم يطرأ تغيير ملحوظ باستثناء تضاؤل دور كتاب القوانين من بين هذه الكتب الأربعة ككتاب دراسي بالتدريج، وانصراف عدد كبير من الطلبة في الفترة الأخيرة عن دراسته، واستبداله بكتاب أصول الفقه كحلقة وسيطة بين المعالم وكتابي الرسائل والكفاية.
والحقيقة أن الكتب الأربعة المتقدمة الذكر لها مقامها العلمي، وهي على العموم تعتبر حسب مراحلها التاريخية كتبا تجديدية ساهمت إلى درجة كبيرة في تطوير الفكر العلمي الأصولي على اختلاف درجاتها في هذه المساهمة، وقد يكون اختيار هذه الكتب الأربعة كتبا دراسية نتيجة عامل مشترك وهو ما أثاره كل واحد منها عند صدوره من شعور عميق لدى العلماء بأهميته