الأصول، واما ان يحاط الطالب علما بأن استصحاب عدم التذكية مثلا حاكم على أصالة البراءة ويستطرق من ذلك إلى بحث طويل ومعمق في نفس جريان استصحاب عدم التذكية وموارد جريانه في الشبهات الموضوعية والحكمية، فهذا مما لا يدخل في نطاق الغرض من مرحلة بحث السطح. هذا فضلا عن الاستطرادات التي وقعت فيها تلك الكتب كاستطرادها للحديث عن قاعدة لا ضرر ولا ضرار ونحو ذلك، أو التوسعات التي تزيد عن الحاجة لمرحلة السطح في استعراض الأقوال ونقل الأدلة واستيعاب النقض والابرام حتى بلغت الأقوال التي أحصاها الشيخ في الرسائل في الاستصحاب وبحث كل واحد منها بحثا مفصلا أربعة عشر قولا.
المبرر الرابع: ان الطريقة المتبعة في تحرير المسائل وتحديد كل مسألة بعنوان من العناوين الموروثة تاريخيا في علم الأصول لم تعد تعبر عن الواقع تعبيرا صحيحا، وذلك لان البحث الأصولي من خلال اتساعه وتعميقه بالتدريج منذ أيام الوحيد البهبهاني إلى يومنا هذا طرح قضايا كثيرة جديدة ضمن معالجاته للمسائل الأصولية الموروثة تاريخيا، وكثير من هذه القضايا تعتبر من الناحية الفنية ومن الناحية العملية معا أهم من جملة من تلك المسائل الموروثة، بينما ظلت هذه القضايا تحت الشعاع ولا تبرز إلا بوصفها مقدمات أو استطرادات في مباحث تلك المسائل. ويمكنك ان تلاحظ بهذا الصدد المباحث العقلية التي أدرجت في الجزء الأول من الكفاية تحت عناوين البحث عن الملازمة بين وجوب الشئ ووجوب مقدمته والملازمة بين الامر بالشئ والنهي عن ضده وهكذا، فان هذه العناوين باعتبار كونها تاريخية وموروثة في عام الأصول استأثرت بالمسائل المبحوثة مع أنه وقع البحث في داخل تلك المسائل عن كثير من القضايا العقلية المهمة التي بقيت بلا عنوان وكأنها مجرد أبحاث تمهيدية أو استطرادية، فامكان الشرط المتأخر أو استحالته وامكان الواجب المعلق أو استحالته وضرورة تقيد التكليف بعدم الاشتغال بالمزاحم وعدم