بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٤٩٢
تذنيبان الأول: لا ينبغي توهم الاجزاء في القطع بالامر في صورة الخطأ، فإنه لا يكون موافقة للامر فيها، وبقي الامر بلا موافقة أصلا، وهو أوضح من أن يخفى (1)، نعم ربما يكون ما قطع بكونه مأمورا به مشتملا على المصلحة في هذا الحال، أو على مقدار منها، ولو في غير الحال، غير ممكن مع استيفائه استيفاء الباقي منه، ومعه لا يبقى مجال لامتثال الامر الواقعي (2)، وهكذا الحال في الطرق، فالاجزاء ليس لأجل اقتضاء امتثال
____________________
(1) لا يخفى ان القطع حجيته غير مجعولة، لأن ذاته وحقيقته عين الانكشاف، فلا يعقل جعل الانكشاف له، ولا يعقل أيضا جعل لوازمه من المنجزية لو أصاب، والمعذرية لو خالف، لما سيأتي في مباحث القطع: من عدم امكان ذلك، وعلى فرض جعل حجيته بمعنى منجزيته ومعذريته فليس على طبقه حكم مجعول حتى يمكن ان يكون بدلا عن الواقع، فإذا انكشف الخلاف فلابد من الإعادة في الوقت لشغل الذمة بالحكم الواقعي، ولم يسقط لا باتيان المأمور به ولا باتيان بدله، وكذلك القضاء لفوت المأمور به في الوقت الذي هو الموضوع لوجوب القضاء، فالقاعدة تقتضي عدم الاجزاء ولذا قال (قدس سره): ((لا ينبغي توهم الاجزاء في القطع بالامر في صورة الخطأ فإنه)): أي في صورة الخطأ لم يأت بما هو المأمور به واقعا وحينئذ ((لا يكون موافقة للامر فيها)): أي في صورة الخطا ((وبقي الامر بلا موافقة أصلا)).
(2) لا يخفى انه قد دل الدليل الخاص في موردين على اجزاء ما اتى به غير العامد، مع كون ما اتى به مخالفا للواقع: وهما مورد الاتيان بالتمام للمسافر الذي حكمه القصر، والاتيان بالصلاة الجهرية لمن حكمه الاخفات أو بالعكس: أي الاتيان بالصلاة الاخفاتية لمن حكمه الجهر، كقراءة العصر جهرا، أو قراءة المغرب اخفاتا.
وقد دل الدليل أيضا على عدم الاجزاء فيما لو فعل ذلك عمدا لا خطأ، لوضوح انه لا يجوز للمسافر ان يصلي تماما عمدا، ولا يجوز للمكلف ان يجهر ويخفت عمدا،
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 487 488 489 491 492 494 495 496 499 » »»
الفهرست